Bodour Al Qasimi
3 min readJul 31, 2022

--

الصندوق الإفريقي للابتكار في النشر: الحوارات حول تحديات القراءة وقطاع النشر وتيسير الوصول إلى الكتب في القارة الإفريقية وترجمتها إلى أفعال

بَدأْتُ عام 2018 العمل من خلال الاتحاد الدولي للناشرين مع مجموعة من الناشرين الأفارقة لتنظيم سلسلة من الفعاليات المعنية بقطاع النشر في إفريقيا تحت عنوان “الندوات الإقليمية الإفريقية” للحديث بشكلٍ مكثف حول التنمية المستدامة في قطاع النشر. وقد عُقِدَت أول هذه الندوات بمدينة لاغوس النيجيرية، في مايو 2018، واستقطبت 180 مشاركاً من أكثر من 20 دولة.

كان الانتقاد الأبرز الذي سمعناه مراراً وتكراراً خلال مختلف مراحل تنظيم الندوة النيجيرية الافتتاحية هو أن العديد من الفعاليات المعنية بقطاع النشر الإفريقي تفشل في تحقيق نتائج ملموسة. وأثمرت تلك التخوفات عن الخروج ببرنامج خطة عمل لاغوس من أجل توثيق توصيات الندوة وضمان الالتزام بإحراز تقدم ملموس على صعيد التطبيق العملي له. ولعل أحد التحديات المألوفة التي تعرقل ترجمة هذه الخطط إلى أفعال على أرض الواقع هي تحديد الجهات المفترض أن تقدم التمويل والموارد اللازمة لتحفيز الشراكات وتعزيز التعاون لإحراز تقدم بشأن التحديات التي يتم بلورتها خلال مثل تلك الندوات واللقاءات.

جاءت استجابة الاتحاد الدولي للناشرين لمسألة توفير الموارد عبر إبرام شراكةٍ غير مسبوقة مع مؤسسة دبي العطاء لإطلاق الصندوق الإفريقي للابتكار في النشر (APIF)، وهو برنامج مِنَح بقيمة 800,000 دولار أمريكي مدته أربع سنوات تموله “دبي العطاء” ويديره الاتحاد الدولي للناشرين. يوفر الصندوق التمويل التحفيزي لابتكارات النشر الإفريقية الواعدة، ويستهدف تقديم منح لمجموعة من المشاريع الإبداعية في عدة مجالات. وشملت قائمة الموضوعات التي حظيت باهتمام الصندوق حتى الآن، النشر الموجه للسكان الأصليين والتعلّم عبر الإنترنت، فيما تركز الدورة الحالية للصندوق على تعزيز وصول المكفوفين وضعاف البصر للكتب.

إنني على وعي تامٍ بأهمية التدريب والمساعدة الفنية لتحقيق أهداف “معاهدة مراكش”، وذلك من خلال عملي مع “مؤسسة كلمات” ضمن مبادرة “أرى” بالتعاون مع “اتحاد الكتب الميسّرة” التابع للمنظمة العالمية للملكية الفكرية. ولذلك، حرصنا خلال الدورة الحالية للصندوق الإفريقي للابتكار في النشر على إبرام شراكة مع اتحاد “ديزي كونسورتيوم”، وهي منظمة دولية غير ربحية تقوم في تشكيلها على العضوية وتُعنى بضمان الشمول وعدم الإقصاء في قطاع النشر. تستهدف الشراكة مساعدة المستفيدين المحتملين من منح الصندوق على اكتساب ما يلزمهم من معارف وخبرات فنية في قطاع النشر الميسّر.

يقوم اتحاد “ديزي كونسورتيوم” الدولي بدور الشريك المنفذ معتمداً على نحو 30 عضواً في إفريقيا يتولون تزويد المتقدمين للصندوق الإفريقي للابتكار في النشر والمستفيدين من المنح التي يقدمها ببرنامج تدريبي عبر الإنترنت حول إنتاج الأعمال الميسّرة. وقد عُقِدت الجلسة التمهيدية للبرنامج في مستهل يوليو 2022، وتناولت عدداً من الموضوعات المهمة شملت المفاهيم الأساسية للإعاقات المتعلّقة بالقراءة، ومعايير تيسير وصول الفئات المستهدفة للمواد المطبوعة والتقنيات المساعدة. ويمكن الاطلاع على تسجيل للجلسة التدريبية هنا. ويلي هذا البرنامجَ التدريبي برامجُ تدريبٍ فنيٍ من المقرر تنظيمها في وقت لاحق من العام الحالي، كشرطٍ إلزامي لتلقي التمويل خلال الدورة الحالية للصندوق.

أكدت حواراتي مع الناشرين الأفارقة، على مدار السنوات العديدة الماضية، أن أحد الآثار الإيجابية للجائحة على قطاع النشر في القارة كان تشجيع الناشرين على تبني نماذج أعمال رقمية، وتوجه العديد منهم بشكلٍ متزايد نحو النشر الرقمي، واستهداف فئات جديدة بمطبوعاتهم، مثل المكفوفين وضعاف البصر. فمنذ زمنٍ بعيد، وذوي الإعاقات القرائية المختلفة يعانون من تدني مستوى الدعم وغياب الاهتمام اللائق. ولكن من المفرح أن نرى هذا يتغيّر الآن في إفريقيا وحول العالم.

لعبت معاهدة مراكش دوراً فاعلاً للغاية في رفع الوعي بضرورة استيعاب ذوي الإعاقات القرائية، لكن الجائحة العالمية أماطت اللثام للمرة الأولى عن ممارسات ونماذج أعمال قوية لإنتاج كتب ميسّرة للعديد من الناشرين في أسواق النشر بالبلدان النامية. حيث يعمل الاتحاد الدولي للناشرين من خلال اللجنة المعنية بالشمول في مجال النشر ومحو الأمية (Inclusive Publishing and Literacy Committee) وبالتعاون مع “اتحاد الكتب الميسّرة” على دعم قطاع النشر العالمي بحيث يصبح تيسير الوصول إلى الكتب جزءاً لا يتجزأ من نماذج أعمال الناشرين حول العالم.

أومن أن لكل شخص الحق في قراءة أي كتاب بالتنسيق والشكلٍ الذي يناسبه. وفي ضوء القوة المتنامية للعديد من أسواق النشر الوطنية الإفريقية والنسبة الكبيرة للشباب ضمن تركيبتها السكانية، فلا شك أن إفريقيا ستحتضن بعض أسواق النشر الأسرع نمواً والأكثر إثارة للاهتمام على مدار العقد المقبل. كانت السنوات القليلة الماضية بمثابة نقطة مفصلية في مسيرة تعزيز المحتوى الرقمي الميسر بإفريقيا، وأترقب بشغف وأمل ما تخبئه السنوات القادمة.

--

--

Bodour Al Qasimi

President of International Publishers Association; Founder and CEO of Kalimat Group, Kalimat Foundation and PublisHer network to empower women in publishing.