Bodour Al Qasimi
5 min readSep 28, 2022

--

تسع خطوات على قطاع النشر العالمي تبنيها اليوم لإحراز التقدّم المنشود على صعيد التنوع والشمول

يعاني قطاع النشر من مشكلة مزمنة تتعلّق بالتنوع والشمول. ولا أدل على ذلك من حقيقة أن عدد النساء اللاتي تقلّدن منصب رئاسة الاتحاد الدولي للناشرين منذ تأسيسه قبل 126 عاماً لا يتجاوز اثنتين، وسيصل العدد قريباً إلى ثلاثة مع انتخاب نائبة رئيسة الاتحاد الدولي للناشرين الحالية، كاريني بانسا، في منصب الرئيس.

ليس الغرض من التذكير بهذه الحقيقة هو النقد المؤسسي، بل التأكيد على مدى تجذّر واستمرار مشكلة التنوع والشمول التي يعاني منها قطاع النشر العالمي وأنها لم تعد مقبولة. وقد كانت تلك الحقيقة الصادمة الحافز وراء قراري الترشح لمنصب نائبة رئيسة الاتحاد الدولي للناشرين عام 2018، كما أنها دفعتني للتحرك نحو تعزيز التنوع والشمول من خلال تأسيس منصة PublisHer بعدها بعامٍ واحد.

يدير دفة المنصة مجلس استشاري يضم نخبة من كبار التنفيذيات العاملات في قطاع النشر، وعلى رأسهن أول رئيسة للاتحاد الدولي للناشرين، آنا ماريا كابانيلاس. وتمثل PublisHer ملتقى للتنفيذيات العاملات بقطاع النشر الملتزمات بالتصدي للتحديات طويلة الأمد المتعلّقة بالشمول والتنوع في القطاع. وجاءت تلك الخطوة تتويجاً لمشاورات أجريت على هامش فعاليات ثقافية مهمة في المملكة المتحدة وكينيا، ولقاءات أخرى في أوروبا، والأمريكتين، وآسيا. ولعل أهم قناعة خرجت بها من هذه النقاشات هو أننا بحاجة ماسة إلى حراك نسويٍ عاجل.

كانت السمة الأبرز التي صبغت حواراتي مع الناشرات ومؤسسات النشر على مستوى العالم هو التأكيد على الرغبة في التحرّك واتخاذ إجراءات فعالة، لكنها كانت دوماً رغبةً مصحوبةً بتساؤلات حول كيفية البدء وآليات التحرّك. لقد تردد هذا على مسامعي لدرجةٍ دفعتني للبحث عن مصدرٍ موثوق لدعم دعاة التغيير من الأفراد وشركات النشر في جهودهم لتحقيق التنوع والشمول. لكنني اكتشفت غياب أي أدلة بسيطة وشاملة لتنفيذ مبادرات التنوع والشمول على مستوى الموظفين والموظفات، والموردين، والعملاء، على امتداد قطاع النشر.

ولمعالجة هذه الفجوة، شكلتُ عام 2020 فريقاً لتطوير أول دليل من نوعه يضم مجموعة أدوات تشخيصيّة للتنوّع والشمول في صناعة النّشر العالمية بعدة لغات [العربية | الفرنسية | الإسبانية]. وقد تم إعداد مجموعة أدوات PublisHer للتنوع والشمول في ضوء آراء 50 امرأة من كبار القيادات التنفيذية العاملة في قطاع النشر، إلى جانب مراجعة شاملة للأدبيات ذات الصلة، فضلاً عن خبرتي العملية في مجموعة كلمات، وهي تركز على تحديد خطوات تنفيذ المبادرات الاستباقية لتعزيز التنوع والشمول في قطاع النشر.

شارفت فترة رئاستي للاتحاد على الانتهاء، وأنا حريصة كل الحرص على ضمان مواصلة قطاع النشر العالمي جهوده لإحراز تقدّم على صعيد تعزيز التنوع والشمول. وأود أن أناقش هذا المقال الخطوات التسع التي يمكن لقادة قطاع النشر اتخاذها اليوم للتحرّك صوب هذا الاتجاه.

الخطوة 1 | ضمان التزام القيادة العليا ومساءلتها: تضطلع القيادة التنفيذية العليا بدورٍ بالغ الأهمية في طرح التنوع والشمول كقيم تنظيمية ومؤسسية في دور النشر. وفي الشركات التي لا تزال تتلمس طريقها نحو تعزيز ثقافة التنوع والشمول، فإن الوسيلة الأسهل للحصول على دعم رفيع المستوى هي إجراء تدقيق لممارسات التنوع والشمول يسلّط الضوء على المشكلات والفجوات ويحدد الإجراءات اللازمة لمعالجتها. وبينما يتوفر لكبار الناشرين في الغالب سياسات وبرامج وأهداف فعلية تستند إلى معدلات الأداء ويتحمل القادة المسؤولية عنها، تحتاج شركات النشر الأصغر في كثير من الأحيان إلى نهج يعتمد بالأساس على البيانات لاكتساب التأييد التنظيمي.

الخطوة 2 | التعاون مع شركاء متنوعين: التعاون مع شركاء متنوعين — من مستويات مهنية ووظيفية متفاوتة — في مبادرات التنوع والشمول، ضروري من أجل التحرّك الجماعي على مستوى المنظمة. وتتمثل الخطوة الأولى في رسم خريطة تتضمن الشركاء الذين يمكنهم بعد ذلك ترشيح مجموعة عمل مختصة بقضايا التنوع والشمول تعمل على تشكيل فرق متعددة التخصصات لتطوير وتنفيذ استراتيجية تنوع وشمول تعتمد بالأساس على البيانات.

الخطوة 3 | تنفيذ السياسات والإجراءات على أرض الواقع: توضح السياسات والإجراءات التزامات شركات النشر تجاه تعزيز التنوع والشمول وتوضح الأدوار والمسؤوليات التي تكفل تحويل الأقوال إلى أفعال. ومن المفترض أن تحدد تلك السياسات والإجراءات الأهدافَ المنشودة وترسم الاستراتيجيات التشغيلية اليومية لضمان تطبيقها عملياً.

الخطوة 4 | استقطاب مواهب متنوعة: يعتبر استقطاب مجموعة متنوعة من المواهب والكفاءات ضرورياً لبناء قوة عاملة تلبي معايير التنوع. ونحن في مجموعة كلمات، على سبيل المثال، نعتمد استراتيجية للتواصل متعدد القنوات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ومعارض التوظيف، والجامعات، والاتحادات، والهيئات المختصة لجذب مجموعة متنوعة من المرشحين. وحيث أن التوصيف الوظيفي هو المحطة الأولى للتفاعل بين شركة النشر والموظفين المحتملين، فإن صياغتها تشكل عاملاً مهماً للغاية في تشكيل الانطباعات الأولى.

الخطوة 5 | توظيف مواهب متنوعة: تجنب التحيّز الواعي واللاواعي في جميع مراحل عملية التوظيف ضرورة لا غنى عنها لتقليل الفجوة بين أهداف التنوع والقرارات الفعلية ذات الصلة. ومن أهم الوسائل المفيدة في هذا الصدد هو وضع نماذج تقييم مدروسة تستند إلى معايير موضوعية تضمن عدم التحيّز، كما يمكن أن تقلل إجراءات بسيطة، مثل إخفاء هوية المرشحين في بداية عملية الاختيار والمقابلات التعاونية، من التحيّز في قرارات التوظيف.

الخطوة 6 | تهيئة بيئة عمل تتسم بالشمول: تقدر بيئات العمل التي تتسم بالشمول تنوع الخبرات والاختلاف وتعتبرهما مزايا تنظيمية ومؤسسية ثمينة. وبالمثل، تكفل قنوات التواصل المفتوح دعم الموظفين واحترامهم وتعزيز مشاركتهم. ومن أهم الأدوات في هذا الصدد هي الاستطلاعات التي تقيّم باستمرار المشكلات التي تنطوي عليها الممارسات والسياسات ذات الصلة.

الخطوة 7 | تقديم تعويضات ومزايا متنوعة وشاملة: المساواة في التعويضات والمزايا هي واحدة من أكثر القضايا التي ترددت بقوة خلال مشاورات PublisHer مع النساء اللاتي يشغلن مناصب تنفيذية رفيعة في قطاع النشر. ويكفل إجراء تحليل للفروق في التعويضات والمزايا وتحديد أوجه القصور التشغيلي والتفاوت غير المبرر في الأجور، بتفادي المخاوف المتعلّقة بالمساواة في الأجور وتوفير حلول عملية لها.

الخطوة 8 | تبني المرونة في مكان العمل لمواكبة الوضع الطبيعي الجديد: أدت جائحة كورونا إلى تسريع التحرّك بشكل واسع تجاه المزيد من المرونة في مكان العمل ضمن قطاع النشر. وفي ظل توجه الناشرين نحو العودة إلى العمل المكتبي، فإن ترتيبات العمل المرنة تذلل كثيراً من العقبات التي تحول دون استقطاب مواهب أكثر تنوعاً، إلى جانب تحسين مستويات الاحتفاظ بالموظفين وتعزيز رفاهيتهم.

الخطوة 9 | ضمان تحقيق تنمية منصفة: ترغب العاملات في قطاع النشر بالالتحاق بمؤسسات تتبنى قيماً تساعدهن على صقل مهاراتهن، واستكمال مسيرتهن التعليمية، وتعزيز حياتهن المهنية. وعلى الرغم من ذلك، ووفقاً لاستطلاع أُجري عام 2019، يشعر أقل من ثلث أعضاء PublisHer أن دور النشر توفر للمرأة فرصاً كافية للتدريب والتقدم الوظيفي. وينبغي على الناشرين إجراء تقييم للمواهب لتحديد الثغرات والفجوات وفهم أوجه القصور فيما يتعلّق بالتطور والتقدم الوظيفي.

حظيت قضية التنوع والشمول في قطاع النشر بنقاشات امتدت لعقودٍ، لكن التقدم الذي تم إحرازه في هذا الصدد كان بطيئاً للغاية. وأظن أنه قد حان الوقت ليتحرّك قطاع النشر العالمي دون إبطاء وفق رؤية شاملة وعملية لتحقيق التنوع والشمول المأمولين. لكن معالجة تلك التحديات لن تكون مجدية دون منهجية استراتيجية ومؤسسية تفصيلية — وهو ما دفعنا لإصدار مجموعة أدوات PublisHer للتنوع والشمول.

أتمنى أن تكون هذه الخطوات مفيدة. ولمزيد من المعلومات، يمكنكم مشاهدة كلمتي حول هذا الموضوع على موقع أكاديمية الاتحاد الدولي للناشرين (هنا).

--

--

Bodour Al Qasimi

President of International Publishers Association; Founder and CEO of Kalimat Group, Kalimat Foundation and PublisHer network to empower women in publishing.