Bodour Al Qasimi
4 min readJun 6, 2022

--

دربٌ طويل نحو تعاونٍ عالمي لحماية الملكية الفكرية وحقوق النشر

كانت مشاركتي في الدورة الـ42 للجنة الدائمة المعنية بحق المؤلف والحقوق المجاورة (SCCR) المنبثقة عن المنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو) تجربة رائعة، إذ أنها تعد أول دورة تنعقد حضورياً للجنة الدائمة منذ عام 2019، بسبب جائحة كورونا، كما كانت واحدة من أولى المناسبات التي شهدت مناقشة المنظومة العالمية لحقوق الطبع والنشر لتداعيات الجائحة على الصناعات الإبداعية.

مواصلة النقاش حول القيود والاستثناءات

منذ عام 2004، عندما بدأت اللجنة الدائمة المعنية بحق المؤلف والحقوق المجاورة في دراسة القيود والاستثناءات، كان موقف الاتحاد الدولي للناشرين واضحاً: يشكل الإطار الدولي لحقوق النشر الأساس الذي ترتكز عليه صناعة النشر. ومعنى ذلك ببساطة أن أنظمة حقوق النشر يجب أن توفر للناشرين الحماية الكافية بما في ذلك الحقوق الحصرية القابلة للتنفيذ، والاستثناءات، والقيود المدروسة بعناية لدعم منظومات النشر المحلية. ويظل جوهر نقاشات الاتحاد الدولي للناشرين والمنظمة العالمية للملكية الفكرية متمحوراً حول الدور الأساسي لحقوق التأليف والنشر في مكافأة وتشجيع الأعمال الإبداعية.

وخلال اجتماع اللجنة الدائمة المعنية بحق المؤلف والحقوق المجاورة، اقترحت المجموعة الأفريقية برنامج عمل بشأن القيود والاستثناءات الخاصة بحقوق التأليف والنشر وتوجت المداولات بموافقة أمانة الويبو على مواصلة تقييم المشكلات العابرة للحدود باستخدام المصنّفات المحمية بحقوق التأليف والنشر عبر الإنترنت وتطوير مجموعات أدوات لدعم الأطر الوطنية لحقوق التأليف والنشر تدعم التعليم والبحث والحفاظ على التراث الثقافي.

التأثير على صناعة النشر العالمية والحوار حول حقوق التأليف والنشر

خلال اليوم الأول من أعمال اللجنة الدائمة، نُظمت جلسة المعلومات بعنوان “نظرة عامة على الآثار المتعلّقة بحقوق التأليف والنشر لجائحة كوفيد-19 على المؤسسات المعنية بالتعليم والبحث والتراث الثقافي والأشخاص الذين تخدمهم”، لمناقشة مدى تأثير الجائحة على الصناعات الإبداعية. وقد افتتحت الجلسة باستعراض نتائج تقرير جديد صادر عن منظمة الويبو بعنوان تأثير جائحة كوفيد-19 على الصناعات الإبداعية والمؤسسات المعنية بالثقافة والتعليم والبحث.

وقد استشهد التقرير بما بذله الاتحاد من جهود على مدار العامين الماضيين لفهم تداعيات الجائحة العالمية على أرض الواقع من خلال الأبحاث، والبرامج الأولية، والمبادرات مثل مبادرة “الميثاق الدولي لتعزيز استدامة ومرونة قطاع النشر (إنسباير)”. وشكلت البيانات التجريبية للاتحاد والتي جُمِعَت عبر التفاعل واسع النطاق من أعضائه حول العالم الأساس التحليلي للتقرير بقدر كبير. وقد أشار التقرير إلى كثير من النتائج التي توصل إليها الاتحاد ومنها:

§ التأثيرات المنهجية لإلغاء الفعاليات الأدبية العالمية، والتحديات في سلسلة التوريد، ونقص المواد الخام، وارتفاع تكاليف المدخلات وما استتبعها من تخفيض حجم المبيعات في قطاع النشر العالمي

§ لم توفر المبيعات الرقمية التعويض الكامل للناشرين بسبب إغلاق قنوات بيع المصنّفات الورقية

§ وجود قصور شديد في الدعم الحكومي المقدم إلى قطاع النشر على مستوى العالم

§ ارتباط التعافي المزدوج لقطاع النشر العالمي بقوة ومدى تقدم الاقتصاد الرقمي

§ غياب الأطر الكافية لحماية حقوق التأليف والنشر يعزز نفور وامتناع الناشرين في الأسواق الناشئة — وخاصة الناشرين في قطاع التربية والتعليم –عن اعتماد النشر الرقمي بشكل كامل

§ ينهض الناشرون الوطنيون بدور رئيسي في تمكين أسواق النشر من تطوير المرونة في مواجهة تحديات الصناعة والتعافي السريع

§ تسببت الجائحة العالمية بزيادة قرصنة المصنّفات المطبوعة والرقمية في البلدان ذات أطر حقوق التأليف والنشر وقدرات التنفيذ الأقل تطوراً

لقد أكدتُ أيضاً في الكلمة التي ألقيتها أمام اللجنة الدائمة على أهمية العمل الذي يؤديه الاتحاد في سبيل دعم جمعيات الناشرين الوطنية الأعضاء لإشراك الحكومات الوطنية في ميدان حقوق التأليف والنشر.

جمعية الإمارات لإدارة حقوق النسخ

يطيب لي أيضاً أن أبلغكم بأن جهودي لإطلاق أول مؤسسة لإدارة حقوق النسخ في العالم العربي وبعد أكثر من عقد من الزمن من التفاعل والحوارات الكثيرة مع الأطراف المعنية قد تكللت أخيراً بالنجاح. فقد قادت جمعية الناشرين الإماراتيين، منذ تأسيسها في عام 2009، الجهود الرامية إلى تأسيس جمعية إدارة حقوق النسخ في دولة الإمارات العربية المتحدة.

وفي عام 2009، اتفقت جمعية الناشرين الإماراتيين مع اتحاد كُتّاب وأدباء الإمارات وجمعية الإمارات للملكية الفكرية على التعاون المشترك لتطوير جمعية لإدارة حقوق النسخ. واشتركت جمعية الناشرين الإماراتيين واتحاد كُتّاب وأدباء الإمارات معاً في وضع اقتراح أولي لإنشاء الجمعية، وتم تقديمه إلى وزارة الاقتصاد في مايو 2010. ولكن تبيّن آنذاك أن تلك المناقشات الأولية كانت لا تزال سابقة لأوانها، وتم إحياء الحوار في القطاع مجدداً من خلال سلسلة من الاجتماعات عقدت ما بين عامي 2015–2016 ومتابعة المشاورات بمشاركة قيّمة من الاتحاد الدولي للناشرين، ومركز تراخيص حقوق النشر، والمنظمة العالمية للملكية الفكرية، والاتحاد الدولي لمنظمات حقوق النسخ.

تم إطلاق جمعية الإمارات لإدارة حقوق النسخ في مارس 2022 بحضور وزراء الاقتصاد والثقافة والشباب وتنمية المجتمع. وكان من الرائع خلال مشاركتي في اللجنة الدائمة أن أرى اعتماد الجمعية فيها كمراقب خاص من المنظمات غير الحكومية. ويُظهر إطلاق الجمعية مدى التأثير الذي يستطيع الاتحاد الدولي للناشرين أن يحشده لتطوير أسواق النشر في بلدان مثل دولة الإمارات العربية المتحدة من أجل اعتماد أطر عالمية تكفل حماية حقوق التأليف والنشر. كما يوضح أيضاً مدى التطور الذي يمكن أن يحققه سوق النشر الناشئ بدعم من الزملاء في قطاع النشر العالمي.

تعزيز التعاون العالمي لحماية حقوق التأليف والنشر: إلى أين ننطلق من هنا؟

بعد مشاركتي في اللجنة الدائمة المعنية بحق المؤلف والحقوق المجاورة في عدة مناسبات، أدركت أن قطاع النشر العالمي يمتلك مقومات تمكنه من تحقيق المزيد لسد خلافاتنا من خلال الاستفادة من شعور التضامن المتجدد الذي تعزز في القطاع لمواجهة الجائحة بشكل جماعي. وإلى جانب ذلك، يعد الدرب الطويل الذي قطعته دولة الإمارات وصولاً إلى تأسيس جمعية الإمارات لإدارة حقوق النسخ خير مثال لما يمكن تحقيقه عندما يجتمع أصحاب المصلحة ذو مجالات العمل المتباينة معاً من أجل تحقيق التغيير والتقدم المنهجي. ومع ذلك، قد يكون طريق التعاون طويلاً في بعض الأحيان.

--

--

Bodour Al Qasimi

President of International Publishers Association; Founder and CEO of Kalimat Group, Kalimat Foundation and PublisHer network to empower women in publishing.